مقالات

هشاشة “السيوف الحديدية” في مواجهة “طوفان الأقصى” الجارف

عقيد دكتور/ خالد أحمد الرماح
مركز بحوث الشرطة، أكاديمية الشرطة
اعتمد الكيان الصهيوني في كل حروبه على خوض حروب خاطفة، ما إن تبدأ حتى تنتهي، ففي يونيو/حزيران 1967 كان هو المبادر لحرب خاطفة لم تستمر سوى 6 أيام من 5 إلى10 يونيو/حزيران، وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لم تطول حالة الحرب أكثر من 19 يوماً من 6 إلى25 أكتوبر/تشرين الأول، حتى تدخلت الدبلوماسية الأمريكية بقيادة هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك لإيقاف الحرب، ويوضح ذلك أن الإستراتيجية العسكرية “الإسرائيلية” تقوم على استثمار الحروب الخاطفة لتحقيق نصر سهل وسريع، لكن الأمر مختلفا هذه المرة مع “طوفان الأقصى” والذي رد عليه الكيان الصهيوني الغاصب  بما أسماه عملية “السيوف الحديدية”، فهي تُعتبر حتى الأن أطول حرب خاضها هذا الكيان المحتل منذ إعلان قيام دولته المزعومة عام 1948، وسيؤدي استمرارها إلى تحديات عميقة تواجه الاقتصاد الصهيوني، فتشير التُقديرات الأولية إلى أن تكلفة الحرب في اليوم الواحد تتعدى 270 مليون دولار؛ أي أكثر من 8 مليارات دولار شهرياً، وحسب احصائيات من داخل الكيان الصهيوني أن العدد الحقيقي للخسائر يفوق ما هو مُعلن بثلاثة أضعاف على الأقل، فقد تم حتى الأن منذ بدية الهجوم البري على قطاع غزة، تدمير أكثر من 500 آلية بين مجنزرة ومدفع ومدرعة وجرافة وسيارة همر، ووصل عدد القتلى إلى 3850 جندي وضابط صهيوني، وفيما وصل عدد الجرحى إلى 7000 جندي وضابط، من ضمنهم 3700 أصيبوا بعاهات دائمة.
وتؤكد كل المؤشرات أن الكيان الصهيوني هذه المرة أمام حرب مختلفة، لن تكون سهلة ولا قصيرة، باعتبارها حرباً وجودية، ففكرة أن يعيش هذا الكيان الغاصب في ظل وجود حماس وبقية فصائل المقاومة فكرة غير مقبولة من وجهة نظر صهيونية، وفي المقابل فان خيار تدمير حماس والقضاء عليها وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية -كما يأمل اليهود- خيار غير ممكن عملياً، فالمقاومة الفلسطينية شبت عن الطوق -مقارنة بالماضي-، في ظل الدعم والمساندة اللامحدودة من محور المقاومة، وتدرك فصائل المقاومة الفلسطينية أنها أمام مرحلة مفصلية لها ما بعدها، تحمل على عاتقها مصير القضية الفلسطينية، إما أن تكون أو لا تكون، فهي بالنسبة لها قضية حياة أو موت.
وفي معركة كسر الإرادات هذه، يكون النصر حليف الأكثر قدرة على الصبر والتحمل، وكل المؤشرات تؤكد عدم قدرة الكيان الصهيوني على الاستمرار في حرب طويلة، مهما استمر وتعاظم الدعم الأمريكي والغربي لها، فتركيبتها السياسية والاجتماعية هشة من الداخل، واقتصادها غير قابل للاستمرار في ظل نزيف مادي وبشري طويل الأمد، والاهم من ذلك أن الجنود الصهاينة يفتقرون إلى العقيدة القتالية المناسبة لهذه المعركة، في مواجهة مقاتل عقائدي مستعد للموت من اجل قضيته، ويعتبر الشهادة في سبيل الله أسمى الدرجات، وبداية لمرحلة جديدة وليست نهاية الحياة.
وعليه فان الهزيمة والذلة هي النتيجة الحتمية لهذا الكيان الغاصب مصداقاً للوعد الألهي الوارد في القرآن الكريم في قوله تعالى: [لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ] سورة آل عمران- آية (111)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى