مركز بحوث الشرطة الواقع والطموح
قال تعالى: ((اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ))
صدق الله العظيم
وقال تعالى: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ))
صدق الله العظيم
فقد قرن الله عز وجل أسمه بالعلم معتبراً القلم وسيلته لتعليم الإنسان ما لم يعلم، بل إن الله عز وجل قرن الإيمان بالعلم، ورفع المؤمنين والذين أوتوا العلم درجات، تكريماً لهم، واعترافاً بفضلهم في خدمة الاخرين، والمساهمة في حل مشاكلهم في إطار الحق والعدل.
تعد مراكز البحوث والدراسات أحد أهم مقومات تقدم الأمم، لذا لا عجب في أن تخصص الدول المتقدمة جزءاً من دخلها القومي للبحث العلمي، حيث تمثل مناهج البحث العلمي الأداة الأولى في تطويع تحديات الحاضر واستشراق المستقل، وقد سايرة اليمن هذا التوجه، حيث نص الدستور اليمني في المادة (27) على أن : “تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإنجازات الأبية والفنية والثقافية المتفقة وروح وأهداف الدستور …”، وهذا النص الدستوري كفل حدية البحث العلمي، وتشجيعه ودعمه وحمايته، وربطه بحاجات ومتطلبات التنمية.
بل أن اليمن سبق الأخرين في هذا المجال، حيث يعتبر مركز الدراسات والبحوث اليمني، أقدم مركز على مستوى الجزيرة والخليج، حيث تم تأسيسه في عام 1972م.
وتم إنشاء العديد من مراكز الدراسات والبحوث في اليمن سوءً في إطار الجامعات والاكاديميات الحكومية أو الأهلية أو بشكل مستقل، بل إن الدولة في اليمن خصت التعليم العالي والبحث العلمي بقانون مستقل، وأنشئت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتحقيق هذا الهدف، فقد نصت المادة (38) الفقرة (7) من قانون التعليم العالي على :” وضع أولويات البحث العلمي في الجمهورية في ضوء احتياجات التنمية الشاملة، والعمل على دعم البحث العلمي، والتأليف، والترجمة، وتشجيع النشر في الجامعات اليمنية، ودعمها باستخدام مختلف وسائل الدعم”، فالاهتمام المتزايد بالبحث العلمي حاجة ملحة، وضرورة حتمية لكل الدول، باعتباره نشاط انساني يتسم بالإبداع والابتكار للوصول إلى أفضل الحلول العلمية للمشكلات والقضايا بمختلف أنواعها، وبالذات في عصرنا الحالي الذي أصبح البحث العلمي فيه لا يتقيد بالحدود الجغرافية، ولا وطن له، بل إنه بفضل أبحاثه ومخترعاته قد وحد العالم وصغره، بل جعل منه قرية كونية صغيرة، تؤثر وتتأثر ببعضها في جميع مجالات الحياة، وبالذات الشرطية منها، حيث ظهرت الجرائم العابرة للحدود، مثل جرائم المخدرات، والجرائم الإرهابية، وجرائم الاتجار بالبشر، والجرائم التي ترتكب من دولة في دولة أخرى، مثل الجرائم الالكترونية (السيبرانية).
ولقد حرصت وزارة الداخلية اليمنية على مواكبة هذا التطور العلمي والبحثي للنهوض برسالتها وتطوير خدماتها، فأنشئت اكاديمية الشرطة بالقانون رقم (10) لسنة 2001م، المعدل بالقانون رقم (14) لسنة 2005م.
حيث نصت المادة (3) على أن:” تتكون أكاديمية الشرطة مما يلي:
1-كلية الشرطة 2-كلية الدراسات العليا 3-كلية التدريب 4-مركز بحوث الشرطة”.
وبهذا النص القانوني ظهر مركز بحوث الشرطة رسمياً ولأول مرة إلى العلن، وأصبحت أكاديمية الشرطة تحلق في سماء العلم والمعرفة بجناحين، جناح علمي وتدريبي يتمثل في الكليات الثلاث، وجناح بحثي تربوي يتمثل بمركز بحوث الشرطة، يقودهما رأس هرمي يتمثل في رئاسة الأكاديمية في إطار اشراف مباشر ودعم متواصل من قبل قيادة وزارة الداخلية، في إطار أبو القوانين الذي يعلو ولا يعلى عليه، ويسموا ولا يسمى عليه، وهو الدستور، والقوانين، واللوائح التي تدور في فلكه ولا تخالفه، فالطموح والإصرار في مثل هكذا ظروف وأوضاع نحاج لا يضاهيه نجاح.
وقد أشارت المادة (2) من قانون الاكاديمية إلى مهام واختصاصات مركز البحوث بقولها: … 3– إعداد البحوث العلمية النظرية والتطبيقية في علوم الشرطة، وكل ما يتصل بمكافحة الجريمة وتطوير الأداء بشكل عام، … 5- جمع ونشر وتبادل البحوث والدراسات والخبرات، وتنمية وتوثيق التعاون مع المؤسسات العلمية المماثلة”.
وكذا نصت المادة (9/10) من ذات القانون بقولها:” العمل على توثيق الروابط مع الجامعات والهيئات العلمية ومراكز البحث العلمي في الداخل والخارج”.
كما نصت المادة (21) على أنه:” يسري على أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية فيما يتعلق بنظام توظيفهم وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم وتدريبهم وكل ما يتعلق بشئونهم الوظيفية القوانين التي تسري على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة اليمنية الحكومية“.///
يتبين من خلال النصوص الدستورية والقانونية السابقة بجلاء أن مركز بحوث الشرطة عبارة عن مركز علمي بحثي متخصص في دراسة أٍسباب ودوافع الجريمة في المجتمع، وإيجاد الحلول الملائمة لها، وكذلك أسباب التجاوزات التي تحصل من بعض منتسبي الشرطة واقتراح الحلول العلمية البحثية المجردة والمفيدة لتدارك مثل هذه التجاوزات طبقاً للأساليب العلمية الحديثة، وبما يؤدي إلى عدم تكرارها، وإمداد مصدر القرار الأمني بالمعلومة الصحيحة ليتخذ على ضوئها القرار الصحيح، وغيرها من المهام والاختصاصات بما يؤدي إلى تحديث وتطوير العمل الأمني، وخدمة المجتمع وبقية مؤسسات الدولة، فالمعلومة الصحيحة تؤدي إلى اتخاذ القرار الصحيح، والبدايات الصحيحة تكون نتائجها صحيحة، وبالمقابل فالمعلومة الخاطئة والبدايات الخاطئة يكون قرارها خاطئ ونتائجها خاطئة.